الفصل الثاني – نصائحه (قدس سره) جواباً على أسئلة طلبة العلم

الشروع في دروس الحوزة

اُريد أن أكون طالب علم بأي سن تنصحوني أن أشرع الدروس الحوزوية؟

لطلب العلم مقدمات لا بد من رعايتها أولاً وفي مقدمتها أن يكون طلب العلم لله وحده دون أي شيء آخر من الدواعي التي تشوب الذهن، وأن يلتجأ إلى الله تعالى في أمر دراسته حتى يوفقه للتحصيل والاستيعاب الجيد، لكن عليك أولاً أن تدرس بضع سنين في الثانوية حتى يكون لديك المعلومات الكافية التي تعينك.

تهذيب النفس، إخلاص النية لله، والجدية في الدراسة كلها اُمور معنوية على الطالب أن يتمرن عليها لتصبح ملاكه ووسيلته، فإذا ما كان جاداً فيها من أيام شبابه الاُولى سيكون من الموفقين باذن الله تعالى، اعرف قدر الشباب وابدأ درسك بالتوكل على الله تعالى، ولا تستعجل في دروسك،([1]) واستشر الأساتذة المعروفين بالتدين والتقوى والفضل، فإذا ما شرعت في درسك بنية خالصة لله ولخدمة الدين، وثابرت على دروسك ستشعر بنورانية شيئاً فشيئاً توصلك إلى بر التوفيق. إنّ طالب العلم إذا ما ابتدأ مشروعه الدراسي لله وحده وبهدف خدمة الدين دون أي هدف آخر فإنه سرعان سيشعر بلذة الدرس وسيكون بجديته ومثابرته من الأفراد المفيدين ولا ينبغي الغفلة عن تقوى الله فإن لها الأثر الرئيس في كل ذلك.

 

([1]) ينبغي لطالب العلم عدم العجلة في التحصيل ومراعاة ترتيب العلوم والكتب.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك حين عدّ آداب المتعلّم: «أن يأخذ في ترتيب التعلّم بما هو الأولى ويبدأ فيه بالأهم فالأهمّ فلا يشتغل في النتائج قبل المقدمات ولا في اختلاف العلماء في العقليات والسمعيات قبل إتقان الاعتقاديات فإنّ ذلك يحيّر الذهن ويُدهش العقل. وإذا اشتغل في فنّ فلا ينتقل عنه حتّى يتقن فيه كتاباً أو كتباً إن أمكن وهكذا القول في كلّ فنّ. وليحذر التنقّل من كتاب إلى كتاب ومن فنّ إلى غيره من غير موجب فإنّ ذلك علامة الضجر وعدم الفلاح فإذا تحقّقت أهليّته وتأكّدت معرفته فالأولى له أن لا يدع فنّاً من العلوم المحمودة ونوعاً من أنواعها إلاّ وينظر فيه نظراً يطلع به على مقاصده وغايته ثم إن ساعده العمر وأنهضه التوفيق طلب التبحّر فيه وإلاّ اشتغل بالأهمّ فالأهمّ فإنّ العلوم متقاربة وبعضها مرتبط ببعض غالباً». ]منية المريد، ص 107]

تفضّلوا بنصيحتي كي أتوفّق في تحصيل العلوم؟

اذا أراد الطالب أن يكون موفّقاً في التحصيل يجب عليه أن لا يغفل عن بعض الاُمور:

1ـ انتخاب اُستاذ مجرّب وصالح لأجل التحصيل.([1])

2ـ لا تترك الدرس أو الموضوع الذي تدرسه حتى تفهمه كاملاً، بل تعلّم عند حضرة الاُستاذ المجرّب بطريقة ما حتى تستطيع أن تدرّس الذي تعلّمته.

3ـ أظهر الإنصاف وراعه عند المباحثة وأن تكون في المباحثة العلمية جامعاً مانعاً وذا جدّية بحتة.([2])

4ـ يجب عليك أن تتأمّل في خصوص الكلام الذي تريد أن تتكلّمه.([3])

5ـ يجب أن تستفيد من وقتك بالتمام.

6ـ يجب أن تجالس الأفراد الذين تستفيد بمجالستهم وابتعد عن الذين يكون مجالستهم لك ضياعاً للوقت.

7ـ لا تغفل عن إتيان التكاليف الشرعية وكذا لزوم التقوى عند تحصيلك للعلوم .

8ـ اجتنب عن الأعمال التي من الممكن أن تبعد الإنسان عن تحصيل العلوم.

 

([1]) لابد لطالب العلم من الدقّة في انتخاب الاُستاذ.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك عند عدّ آداب المتعلّم مع شيخه: «أن يقدّم النظر فيمن يأخذ عنه العلم ويكتسب حسن الأخلاق والآداب منه فإنّ تربية الشيخ لتلميذه ونسبة إخراجه لأخلاقه الذميمة وجعل مكانها خلقاً حسناً كفعل الفلاّح الذي يقلع الشوك من الأرض ويخرج منها النباتات الخبيثة من بين الزرع ليحسن نباته ويكمل ريعه. وليس كل شيخ يتّصف بهذا الوصف بل ما أقلّ ذلك فإنّه في الحقيقة نائب عن الرسول(صلى الله عليه وآله) وليس كلّ عالم يصلح للنيابة فليختر من كملت أهليّته وظهرت ديانته وتحقّقت معرفته وعرفت عفّته واشتهرت صيانته وسيادته وظهرت مروّته وحسن تعليمه وجاد تفهيمه». ]منية المريد، ص 113[

([2]) ينبغي لطالب العلم المباحثه والمذاكرة مع غيره من الطلاّب.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك: «ينبغي أن يذاكر من يرافقه من مواظبي مجلس الشيخ بما وقع فيه من الفوائد والضوابط والقواعد وغير ذلك ويعيدوا كلام الشيخ فيما بينهم فإنّ في المذاكرة نفعاً عظيماً قدّم على نفع الحفظ. وينبغي الإسراع بها بعد القيام من المجلس قبل تفرّق أذهانهم وتشتّت خواطرهم وشذوذ بعض ما سمعوه عن أفهامهم ثم يتذاكروه في بعض الأوقات فلا شيء يتخرج به الطالب في العلم مثل المذاكرة. فإن لم يجد الطالب من يذاكره ذاكر نفسه بنفسه وكرّر معنى ما سمعه ولفظه على قلبه وليعلق ذلك بخاطره فإنّ تكرار المعنى على القلب كتكرار اللفظ على اللسان فقلّ أن يفلح من اقتصر على الفكر والتعقل بحضرة الشيخ خاصةً ثمّ يتركه ويقوم ولا يعاوده».]منية المريد، ص 138[

([3]) ينبغي لطالب العلم أن يتفكر في كلامه أو سؤاله قبل التكلّم به.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك حين عدّه آداب المتعلّم والمعلّم: «أن يتأمّل ويهذّب ما يريد أن يورده أو يسأل عنه قبل إبرازه والتفوّه به ليأمن من صدور هفوة أو زلة أو وهم أو انعكاس فهم فيصير له بذلك ملكة صالحة وخلاف ذلك إذا اعتاد الإسراع في السؤال والجواب فيكثر سقطه ويعظم نقصه ويظهر خطاؤه فيعرف بذلك سيما إذا كان هناك من قرناء السوء من يخشى أن يصيّر ذلك عليه وصمة ويجعله له عند نظرائه وحسدته وسمة». ]منية المريد، ص 70]

كيف يجب أن تكون نية الطالب الشباب أثناء التحصيل؟

باسمه تعالى: يجب أن تكون نية طالب العلم هو رضاء الله تعالى وأن يُزيل عنه الجهل وأن يحصل على العلوم التي بها يحيي الدين الحنيف وأن يوفّقه في هذا الاتجاه بتحمّل المشكلات التي تعتريه.([1])

 

([1]) لابدّ لطالب العلم من الصبر على المصائب وتحمّل المشاكل.

قال الشهيد (رحمه الله) حين عدّ آداب المتعلّم: «أن يقطع ما يقدر عليه من العوائق الشاغلة والعلائق المانعة عن تمام الطلب وكمال الاجتهاد وقوّة الجدّ في التحصيل ويرضى بما تيسّر من القوت وإن كان يسيراً وبما يستر مثله من اللباس وإن كان خلقاً. فبالصبر على ضيق العيش تنال سعة العلم ويجمع شمل القلب عن مفترقات الآمال ليتفجّر عنه ينابيع الحكمة والكمال. قال بعض السلف: لا يطلب أحد هذا العلم بعزّ النفس فيفلح ولكن من طلبه بذل النفس وضيق العيش وخدمة العلماء أفلح». ]منية المريد، ص 105]

أنا طالب علم في مرحلة المقدمات أرجو منكم النصيحة.

باسمه تعالى: اغتنم فرصة الشباب ووقتك الثمين في الدراسة([1])، وكما ينبغي السعي في اكتساب الكمالات الأخلاقية عليك الجد في اكتساب العلم أيضاً، وعليك باختيار الاُستاذ البارز في الجانب العلمي والأخلاقي حتى تستفيد من علمه وعمله، واجتنب المجالس التي تنسيك ذكر الله، وليكن قصدك من الدراسة خدمة الدين والمذهب في المستقبل([2])، واعلم أن الشيطان يكيد لك في كل لحظة ويسعى بشتى أساليبه لأن يحرفك عن جادة الحق والصواب.

 

([1]) ينبغي طالب العلم أن يغتنم جميع فرصه للتعلّم ويكون حريصاً عليه.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك عند ذكر آداب المتعلّم: «أن يكون حريصاً على التعلّم مواظباً عليه في جميع أوقاته ليلاً ونهاراً سفراً وحضراً ولا يذهب شيئاً من أوقاته في غير طلب العلم إلاّ بقدر الضرورة لما لابدّ منه من أكل ونوم واستراحة يسيرة لإزالة الملل ومؤانسة زائر وتحصيل قوت وغيره ممّا يحتاج إليه أو لألم وغيره ممّا يتعذّر معه الاشتغال فإنّ بقيّة العمر لا ثمن لها ومن استوى يوماه فهو مغبون. وليس بعاقل من أمكنه الحصول على درجة ورثها الأنبياء ثم فوتها ومن هنا قيل: لا يستطاع العلم براحة الجسد وقيل: الجنة حفّت بالمكاره. وقيل: ولابدّ دون الشهد من ألم النحل». ]منية المريد، ص 106[

([2]) لابدّ لطالب العلم من إخلاص نيّته في التعلّم.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك: «هذه الدرجة ـ وهي درجة الإخلاص ـ عظيمة المقدار كثيرة الأخطار دقيقة المعنى صعبة المرتقى، يحتاج طالبها إلى نظر دقيق وفكر صحيح ومجاهدة تامّة وكيف لا يكون كذلك وهو مدار القبول وعليه يترتّب الثواب وبه تظهر ثمرة عبادة العابد وتعب العالم وجدّ المجاهد. ولو فكر الإنسان في نفسه وفتش عن حقيقة عمله لوجد الإخلاص فيه قليلاً وشوائب الفساد إليه متوجّهة والقواطع عليه متراكمة سيّما المتّصف بالعلم وطالبه فإنّ الباعث الأكثري ـ سيّما في الابتداء لباغي العلم ـ طلب الجاه والمال والشهرة وانتشار الصيت ولذة الاستيلاء والفرح بالاستتباع واستثارة الحمد والثناء» إلى أن قال: «وبالجملة فمعرفة حقيقة الإخلاص والعمل به بحر عميق يغرق فيه الجميع إلاّ الشاذّ النادر المستثنى في قوله تعالى: (إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الُْمخْلَصِينَ) فليكن العبد شديد التفقّد والمراقبة لهذه الدقائق، وإلاّ التحق بأتباع الشياطين وهو لا يشعر». ]منية المريد، ص 46 و 48]

ما هي صفات طالب العلم الجيد؟ أرجو أن تنصحوننا.

باسمه تعالى: إن لفترة الشباب دور أساسي في مستقبل طالب العلم، فإذا ما بنى نفسه وأحسن الاستفادة من وقته فإن مستقبله سيكون لامعاً مضيئاً، ومتانة الدراسة واكتساب المعنويات والتقرب إلى الله تعالى، وتهذيب النفس اُمور إن أولاها طالب العلم أهمية منذ أيام شبابه وابتداء دراسته الحوزوية فإن توفيقه أمر محتم، ادرس لله واترك الأمر لله تعالى وستكسب النورانية بإذن الله التي ستعقبها السعادة الدنيوية والاُخروية.

واغتنم الفرص فإن الشباب سرعان ما يمضي وفقك الله.

إنني أحرص على الجد في الدرس وآمل أن أكون من الموفقين فبماذا تنصحوني؟

باسمه تعالى: ليس العلم بالقراءة والكتابة إنما هو نور يقذفه الله في قلوب عباده المخلصين، على الإنسان أن يجد في عمله ويسعى ليله ونهاره ويثابر في دراسته ويختار الفرع الذي يتمكن من خلاله القيام بخدمة المؤمنين، وإذا ما عمل الانسان بتكاليفه الشرعية وجدّ في دراسته فإن الله سيمدّه بالتوفيق. ولا تغفل عن تهذيب نفسك([1])، فما أكثر الأشخاص الذين جدوا في دراستهم غيرأنهم غفلوا عن الارتباط الروحي فلم يتمكنوا من خدمة الدين، فإذا أردت أن تكون من خَدَمة الدين فاجهد أن تكون دراستك العلمية متقارنة مع جهاد النفس وتوثيق الارتباط الروحي بالله والتوكل عليه في كل أوقاتك.

([1]) لابدّ لطالب العلم من تزكية نفسه وتطهيرها من الرذائل.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك: «العلم ـ كما قال بعض الأكابر ـ عبادة القلب وعمارته وصلاة السرّ وكما لا تصحّ الصلاة ـ التي هي وظيفة الجوارح ـ إلاّ بعد تطهيرها من الأحداث والأخباث فكذلك لا تصح عبادة الباطن إلاّ بعد تطهيره من خبائث الأخلاق. ونور العلم لا يقذفه الله تعالى في القلب المنجّس بالكدورات النفسيّة والأخلاق الذميمة كما قال الصادق(عليه السلام): ليس العلم بكثرة التعلّم وإنّما هو نور يقذفه الله تعالى في قلب من يريد الله أن يهديه». ثمّ قال: «وبهذا يعلم أنّ العلم ليس هو مجرّد استحضار المعلومات الخاصّة وإن كانت هي العلم في العرف العامي وإنّما هو النور المذكور الناشئ من ذلك العلم الموجب للبصيرة والخشية لله تعالى». ]منية المريد، ص 65]

ما هي النصيحة التي تتفضّلون بها بجانب الدروس الحوزوية؟

باسمه تعالى: بنيّ إذا أردت أن تتوفّق فعليك ـ إضافة إلى الجدّيّة في الدرس ـ أن لا تكون غافلاً عن التوكّل على الله تعالى الذي هو رمز كل موفّقية في جميع الاُمور([1])، فانّ طالب العلم يجب أن يوجّه جُلّ اهتمامه في جميع الأوقات الى تحصيل العلم لا غير. بل بالتوكل على الله تعالى يجعل اُموره مسلّمة ومفوّضة بيده تعالى، ثم يقول: إنني لأجل أن أخدم ديني أبدأ وأشرع بالتحصيل العلمي وآمل وأتوسّل إلى الله أن يحفظني من كل مكروه ويمدّني برحمته الواسعة… وإذا سار الطالب على هذا المنوال فإنه يشعر بمرور الزمن أنه اكتسب نورانيّةً تعقبها موفقية.

 

([1]) ينبغي للمعلّم أن يذكّر الطالب على الإخلاص والتوكّل وأمثالهما ممّا لابدّ منه في طلب العلم.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك: «أن يؤدّبهم على التدريج بالآداب السنية والشيم المرضيّة ورياضة النفس بالآداب الدينيّة والدقائق الخفيّة ويعوّدهم الصيانة في جميع أمورهم الكامنة والجلية سيّما إذاآنس منهم رشداً. وأوّل ذلك أن يحرّص الطالب على الإخلاص لله تعالى في علمه وسعيه ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات وأن يكون دائماً على ذلك حتّى الممات ويعرّفه أن بذلك ينفتح عليه أبواب المعارف وينشرح صدره وينفجر من قلبه ينابيع الحكمة واللطائف ويبارك له في حاله وعلمه ويوفّق للإصابة في قوله وفعله وحكمه ويتلو عليه الآثار الواردة في ذلك ويضرب له الأمثال الدالّة على ما هنالك و يزهّده في الدنيا ويصرفه عن التعلّق بها والركون إليها والاغترار بزخرفها ويذكّره أنّها فانية وأنّ الآخرة باقية والتأهّب للباقي والإعراض عن الفاني هو طريق الحازمين ودأب عباد الله الصالحين وأنّها إنّما جعلت ظرفاً ومزرعة لاقتناء الكمال و وقتاً للعلم والعمل فيها ليحرز ثمرته في دار الإقبال بصالح الأعمال». ]منية المريد، ص 80]

ماذا يجب عليّ أن أعمل حتى أكسب رضا الله تعالى وأياً من الكتب الأخلاقية تنصحوني بقراءتها لزيادة معرفتي بالاُمور الأخلاقية؟

باسمه تعالى: إذا عملتم بواجباتكم الشرعية وواظبتم عليها فستكسبون رضا الله تعالى، ويمكنكم الرجوع إلى كتاب «معراج السعادة» للملا أحمد النراقي(قدس سره)، و«جامع السعادات» للملا مهدي النراقي(قدس سره)، و«أخلاق الناصري» للمرحوم الشيخ نصير الدين الطوسي(قدس سره)، و«طهارة الأعراق» لابن مسكويه، و«المحجة البيضاء» للفيض الكاشاني، و«آداب المتعلمين» لنصير الدين الطوسي، للاستفادة من الفيوضات الأخلاقية، والله الهادي إلى سواء السبيل.

أنا طالب في مرحلة الشباب كيف يمكنني أن أكون موفقاً؟

باسمه تعالى: ان العلم الذي يرافقه قابلية واستعداد لتلقي العلم مع مراعاة التقوى والدراسة عند اُستاذ جيد([1]) وتحمل التعب والمشقة وعدم تضييع الوقت([2]) كل ذلك ينتهي إلى الموفقية إن شاء الله تعالى. إذا اجتهد الطالب في درسه من بداية أمره وتوخّى التقوى الى جانب درسه وجعل رضا الله وأهل البيت(عليهم السلام) نصبَ عينيه فإنه سيشعر شيئاً فشيئاً بنورانية تأخذ بيده الى الموفقية المستقبلية، واجهد في أن تصرف جميع وقتك للدرس في ظرف من التقوى والتزام بالتكاليف الشرعية مع التهجد والعبادة قدر الامكان، حتى تكون من المفيدين في المستقبل إن شاء الله تعالى.

([1]) ينبغي للمعلّم ترغيب الطلبة على تحصيل العلم.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك في آداب المعلّم مع طلبته: «أن يرغّبهم في العلم ويذكّرهم بفضائله وفضائل العلماء وأنّهم ورثة الأنبياء (صلّى الله عليهم) وأنّهم على منابر من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء ونحو ذلك ممّا ورد في فضائل العلم والعلماء من الآيات والأخبار والآثار والأشعاروالأمثال، ففي الأدلة الخطابيّة والأمارات الشعريّة هزّ عظيم للنفوس الإنسانيّة ويرغّبهم مع ذلك بالتدريج على ما يعيّن عليه من الاقتصار على الميسور وقدر الكفاية من الدنيا والقناعة بذلك عمّا يشغل القلب من التعلّق بها وتفريق الهمّ بسببها». ]منية المريد، ص 80[

([2]) ينبغي للمعلّم ترغيب طالب العلم على الاشتغال في كلّ وقت.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك عند ذكر آداب المعلّم مع طلبته: «أن يحرّصهم على الاشتغال في كلّ وقت ويطالبهم في أوقات بإعادة محفوظاتهم ويسألهم عمّا ذكره لهم من المهمّات والمباحث فمن وجده حافظاً مراعياً أكرمه وأثنى عليه وأشاع ذلك ما لم يخف فساد حاله بإعجاب ونحوه ومن وجده مقصّراً عنّفه في الخلوة وإن رأى مصلحة في الملأ فَعَل فإنّه طبيب يضع الدواء حيث يحتاج إليه و ينفع». ]منية المريد، ص 86[

من المعروف أنهم يقولون: على الطالب أن يكون له ورع عند تحصيله العلم، فما المراد من الورع؟

باسمه تعالى: الورع: هو الابتعاد عن المعصية، وإذا أراد الطالب الانتفاع بعلمه وتسهيل التعلم عليه، وأن يفتح الله عليه أبواب رحمته فعليه الابتعاد عن المعصية وعند تحصيله للعلم يجب أن تكون لديه ملكة التقوى، وبإمكان الطالب الحصول على الورع عند ما يبتعد عن الأشياء التي تقوده إلى المعصية كمجالسة اللااُباليين الذي يؤدي إلى انحراف الإنسان وفي النهايه يؤدي الى ارتكاب المعصية، وأما مجالسة الأخيار والمتقين فإنه يؤدي الى اكتساب الورع والتقوى فيبعدك عن المعصية، وهناك بعض المستحبات توجب كسب التوفيق مثل إعطاء الأهمية للصلاة التى تبعد الإنسان عن المعصية قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ).