الفصل الرابع– نصائحه (قدس سره) جواباً على أسئلة طلبة العلم

تحمّل الصعوبات والمشاكل

أنا طالب علم واجهتني بعض الصعوبات والمشاكل بحيث جعلت من استمراري في الدراسة امراً حرجياً فهل يجوز لي ترك الدراسة؟

باسمه تعالى: ان طلب العلم غير ممكن بدون تحمل الصعاب والمشاكل وقلما تجد طالب علم لا يعاني من ضغوط الحياة، نعم هناك بعض الافراد الذين يعتمدون على آبائهم او مصادر مالية معينة يعيشون في بحبوحة وراحة لكن اغلب من رأيناهم يعانون الضيق والمشاكل.

إن تحمل بعض ضغوطات الحياة أمر صعب. فاذا كان طلب العلم بهذه الوضعية حرجاً عليكم وتشعر بعدم امكانية ذلك حقيقة وواقعاً فان بامكانك ترك طلب العلم، وعلى أي حال ان تكون عالما بدون عروض المصاعب والمشقات فهذا غير ممكن وإن امكنك الصبر والتحمّل فإن الله سيُفرّجُ عنك ويلطف بك ولا يمكن لهذه المشاكل والصعاب أن تستمر لأنه: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)فاذا تحملت هذه المشكلات لله فانه سيفرج عنك وتنال الأجر والمقامات الأخروية.



اُريد الشروع بالدراسة الحوزوية بحول الله وقوته فماذا تنصحوني ان أقرا من الكتب؟

باسمه تعالى: ولدي العزيز! بعد تمنياتي لك بالتوفيق في دراستك عليك بقراءة الكتب الحوزوية التقليدية، وابتعد عن الوساوس التي تشاع هنا وهناك من تغيير الكتب الدراسية وما شاكل فقد بلغ علماؤنا الاعلام ما بلغوه من الدرجات العلمية العالية عبر تلك الكتب الحوزوية التقليدية المعروفة، فابدأ بحول الله وقوته بكتاب: جامع المقدمات الذي ينقسم بدوره إلى عدة كتب مختلفة([1]) وادرسه عند استاذ متدين ومجرب، وإلى جانب ذلك لا تغفل عن تهذيب نفسك، وعليك بالجد في الدرس واستشارة الأساتذة القدماء المعروفين عن اختيار الكتب، وإذا أردت أن تتحول إلى شخص يتوفق لخدمة الدين والمذهب مستقبلاً فعليك بالاهتمام بدرسك فاعمل على تقوية مقدماتك العلمية أولاً، ولا تغفل عن تهذيب النفس إلى جانب ذلك فلا ثمرة من درس بلا تقوى([2])، وعليك بانتخاب الصديق الجيد المتدين والاُستاذ المجرب ذي التقوى والفضل، وفقك الله تعالى.

 

([1]) إنّ لتحصيل العلوم المختلفة ترتيباً لابدّ لطالب العلم من مراعاته.

قال الشهيد (رحمه الله)في ذلك: «اعلم أنّ لكلّ علم من هذه العلوم مرتبة من التعلم لابدّ لطالبه من مراعاتها لئلاّ يضيع سعيه أو يعسر عليه طلبه وليصل إلى بغيته بسرعة وكم قد رأينا طلاباً للعلم سنين كثيرة لم يحصلوا منه إلا على القليل وآخرين حصلوا منه كثيراً في مدة قليلة بسبب مراعاة ترتيبه وعدمه». ثمّ قال: «فمن كان تعلّمه في ابتداء أمره وريعان شبيبته وهو قابل للترقي إلى مراتب العلوم والتأهل للتفقه في الدين بطريق الاستدلال والبراهين فينبغي أن يشتغل في أول أمره بحفظ كتاب الله تعالى وتجويده على الوجه المعتبر ليكون مفتاحاً صالحاً ومعينا ناجحاً وليستنير القلب به ويستعد بسببه إلى درك باقي العلوم. فإذا فرغ منه اشتغل بتعلم العلوم العربية فإنها أول آلات الفهم وأعظم أسباب العلم الشرعي فيقرأ أولاً علم التصريف ويتدرج في كتبه من الأسهل إلى الأصعب والأصغر إلى الأكبر حتى يتقنه ويحيط به علماً. ثم ينتقل إلى النحو فيشتغل فيه على هذا النهج ويزيد فيه بالجد والحفظ فإن له أثراً عظيماً في فهم المعاني ومدخلاً جليلاً في إتقان الكتاب والسنة لأنهما عربيان. ثمّ ينتقل منه إلى بقية العلوم العربية…». ]منية المريد، ص 223[

([2]) ليحتذر طالب العلم عن التعلّم بدون مراعاة جانب التقوى والعمل.

قال الشهيد (رحمه الله)في ذلك: «وليعلم مع ذلك أيضاً أنّ مجرد تعلّم هذه المسائل المدوّنة ليس هو الفقه عندالله تعالى وإنّما الفقه عند الله تعالى بإدراك جلاله وعظمته وهو العلم الذي يورث الخوف والهيبة والخشوع ويحمل على التقوى ومعرفة الصفات المخوفة فيجتنبها والمحمودة فيرتكبها ويستشعر الخوف ويستثير الحزن كما نبه الله تعالى عليه في كتابه بقوله: (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَة مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ). والذي يحصل به الإنذار غير هذا العلم المدون فإنّ مقصود هذا العلم حفظ الأموال بشروط المعاملات وحفظ الأبدان بالأموال وبدفع القتل والجراحات والمال في طريق الله آلة والبدن مركب وإنّما العلم المهمّ هو معرفة سلوك الطريق إلى الله تعالى وقطع عقبات القلب التي هي الصفات المذمومة وهي الحجاب بين العبد وبين الله تعالى فإذا مات ملوثاً بتلك الصفات كان محجوباً عن الله تعالى ومن ثمّ كان العلم موجباً للخشية بل هي منحصرة في العالم كما نبّه عليه تعالى بقوله: (إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)أعمّ من أن يكونوا فقهاء أو غير فقهاء». ]منية المريد، ص 56]

أي الأوقات تقترحون لمطالعة الطلاب الشباب؟

باسمه تعالى: طلب العلم ليس له وقت خاص، وإذا أراد الإنسان ـ وبنية خالصة ـ أن يشرع في طلب العلم فعليه أن يستمر في ذلك الى آخر لحظات عمره، فقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد»، لكن هناك أوقات تفضّل فيها المطالعة وطلب العلم مثل وقت السحر أو بعد صلاة الصبح أو بعد صلاة المغرب، وعلى أيّ حال فإنّ طالب العلم ليس له وقت خاص للمطالعة دون آخر حيث يجب عليه طلب العلم في كل الأوقات([1])، وعليه أن يتوسل بأهل البيت(عليهم السلام) لكي يستطيع أن يطلب من الله تعالى المدد على ذلك.

 

([1]) ينبغي لطالب العلم أن يستفيد من جميع أوقاته.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك حين عدّ آداب المتعلّم في درسه: «أن يقسّم أوقات ليله ونهاره على ما يحصله فإنّ الأوراد توجب الازدياد ويغتنم ما بقي من عمره فإن بقية العمر لا قيمة لها. وأجود الأوقات للحفظ الأسحار وللبحث الأبكار وللكتابة وسط النهار وللمطالعة والمذاكرة الليل وبقايا النهار. ومما قالوه ـ و دلّت عليه التجربة ـ أنّ حفظ الليل أنفع من حفظ النهار و وقت الجوع أنفع من وقت الشبع والمكان البعيد عن الملهيات كالأصوات والخضرة والنبات والأنهار الجاريات، وقوارع الطرق التي تكثر فيها الحركات لأنّها تمنع من خلو القلب وتقسّمه على حسب تلك الحالات». ]منية المريد، ص 131]

بعض الطلبة لايبدون احترامهم للكتب العلمية التي تحتوي على معارف أهل البيت(عليهم السلام) فبماذا تنصحونهم؟

باسمه تعالى: الكتب التي تكون عادة عند طلاب العلم تحتوى على فقه([1]) آل البيت(عليهم السلام) وأحاديثهم ومن هنا لابد من ابداء الاحترام الخاص بها.

 

([1]) لعلم الفقه مرتبة رفيعة وشرافة عظيمة ينبغي للطالب الاهتمام بتحصيله.

قال الشهيد (رحمه الله) عند ذكر مراتب العلوم: «فإذا فرغ منها انتقل بعدها إلى قراءة الكتب الفقهيّة فيقرأ منها أولاً كتاباً يطلع فيه على مطالبه ورؤوس مسائله وعلى مصطلحات الفقهاء وقواعدهم فإنّها لا تكاد تستفاد إلاّ من أفواه المشايخ بخلاف غيره من العلوم ثم يشرع ثانياً في قراءة كتاب آخر بالبحث والاستدلال واستنباط الفرع من أصوله و ردّه إلى ما يليق به من العلوم واستفادة الحكم من كتاب أو سنة من جهة النص أو الاستنباط من عموم لفظ أو إطلاقه ومن حديث صحيح أو حسن أو غيرهما ليتدرب على هذه المطالب على التدريج فليس من العلوم شيء أشد ارتباطا بغيره ولا أعم احتياجاً إليها منه فليبذل فيه جهده وليعظم فيه جده فإنه المقصد الأقصى والمطلب الأسنى و وراثة الأنبياء ولا يكفي ذلك كله إلاّ بهبة من الله تعالى إلهية و قوة منه قدسية توصله إلى هذه البغية وتبلغه هذه الرتبة و هي العمدة في فقه دين الله تعالى و لا حيلة للعبد فيها بل هي منحة إلهية ونفحة ربانية يخص بها من يشاء من عباده إلاّ أن للجد والمجاهدة والتوجه إلى الله تعالى والانقطاع إليه أثرا بينا في إفاضتها من الجناب القدسي (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ). ]منية المريد، ص 225]

ما هي الكتب الأخلاقية التي تنصحون بمطالعتها؟

باسمه تعالى: عليك باختيار الكتب التي هدف المؤلف منها إلى الأخذ بيد القارئ إلى الروحانيات والمعنويات والتحذير من المعاصي عبر بيانه لحقائق الوجود، والكتب المشتملة على المطالب التي تقوي الإيمان في قلوب المؤمنين، وقد كتب في هذا الزمان العديد من الكتب بحمد الله في هذا الخصوص([1]) وتستطيع الاطلاع على محتوياتها بمطالعة فهارسها وتحصيل ما تريده منها ومن جملتها: «معراج السعادة» للملا أحمد النراقي(قدس سره)، و«جامع السعادات» للملا مهدي النراقي(قدس سره)، و«أخلاق الناصري» للمرحوم الشيخ نصير الدين الطوسي(قدس سره)، و«طهارة الأعراق» لابن مسكويه، و«المحجة البيضاء» للفيض الكاشاني، و«آداب المتعلمين» لنصير الدين الطوسي، والله الهادي إلى سواء السبيل([2]).

([1]) لأمر الكتابة منزلة خاصّة في سبيل طلب العلم.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك: «الكتابة من أجل المطالب الدينية وأكبر أسباب الملة الحنيفية من الكتاب والسنة وما يتبعهما من العلوم الشرعيّة وما يتوقّفان عليه من المعارف العقليّة وهي منقسمة في الأحكام حسب العلم المكتوب: فإن كان واجباً على الأعيان فهي كذلك حيث يتوقّف حفظه عليها وإن كان واجباً على الكفاية فهي كذلك وإن كان مستحبّاً فكتابته مستحبّة» إلى أن قال: «وقد ورد مع ذلك في الحثّ على الكتابة والوعد بالثواب الجزيل على فعلها كثير من الآثار فمنه عن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: قيّدوا العلم. قيل: وما تقييده؟ قال: كتابته. و روي: أنّ رجلاً من الأنصار كان يجلس إلى النبي(صلى الله عليه وآله) يستمع منه الحديث فيعجبه ولا يحفظه فشكا ذلك إلى النبي(صلى الله عليه وآله) فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): استعن بيمينك; وأومأ بيده أي خطّ. وعن الحسن بن علي(عليها السلام): أنّه دعا بنيه وبني أخيه فقال: إنّكم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين فتعلّموا العلم فمن لم يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته. وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: اكتبوا فإنّكم لا تحفظون حتّى تكتبوا، وعنه (عليه السلام)قال: القلب يتّكل على الكتابة…». ]منية المريد، ص 189[

([2]) ينبغي لطالب العلم أن يحصّل الكتب التي يحتاج إليها.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك عند ذكر آداب الكتب: «أن يعتني بتحصيل الكتب المحتاج إليها في العلوم النافعة ما أمكنه بكتابة أو شراء وإلاّ فبإجارة أو عارية لأنّها آلة التحصيل وكثيراً ما تدرب بها الأفاضل في الأزمنة السابقة وحصل لهم بواسطتها ترقّ زائد على من لم يتمكّن منها ولهم في ذلك أقاصيص يطول الأمر بشرحها. ولا ينبغي للطالب أن يجعل تحصيلها وجمعها وكثرتها حظّه من العلم ونصيبه من الفهم بل يحتاج مع ذلك إلى التعب والجد والجلوس بين يدي المشايخ». ]منية المريد، ص 191]

أرجو أن ترشدوني إلى بعض كتب الدعاء المعتبرة لأستفيد منها علماً بأنني طالب أسعى للارتقاء بمعنوياتي وروحانياتي؟

باسمه تعالى: إليك بعض كتب الدعاء المعتبرة: «مهج الدعوات»، «مصباح الزائر»، «إقبال الأعمال» لابن طاووس(رحمه الله)، «مصباح المتهجد» للشيخ الطوسي(رحمه الله)، «المصباح» و«البلد الأمين» للكفعمي(رحمه الله)، «زاد المعاد» للمجلسي(رحمه الله)، و«مفاتيح الجنان» للشيخ عباس القمي(رحمه الله)، والله الموفق.

 

ماذا علي أن أجتنب من الكتب؟

باسمه تعالى: إن الكتب التي توجب الضلال والتشكيك في اُصول الدين والمذهب وتوجب ضعف العمل بالأحكام أو الفساد الأخلاقي هي من الكتب المضلة يجب اجتنابها([1]).

 

([1]) ممّا ينبغي تحصيله لطالب العلم علم الكلام لتصحيح العقائد.

قال الشهيد (رحمه الله)في ذلك: «فأمّا علم الكلام ويعبّر عنه بأصول الدين فهو أساس العلوم الشرعية وقاعدتها أن يعرف الله تعالى ورسوله وخليفته وغيرها ممّا يشتمل عليه وبه يعرف صحيح الآراء من فاسدها وحقّها من باطلها وقد جاء في الحث على تعلمه وفضله كثير من الكتاب والسنة، قال الله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ اللهُ). وقال تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالاَْرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاّ بِالْحَقِّ). و قال تعالى: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَ الاَْرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْء). ومرجع ذلك إلى الأمر بالنظر والاستدلال بالصنعة المحكمة والآثار المتقنة على الصانع الواحد القادر العالم الحكيم. وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل لا إله إلا الله، وعن أبي عبدالله(عليه السلام) عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة». إلى أن قال: «والأثر في ذلك عن أهل البيت(عليه السلام) كثير جدّاً ومن أراده فليقف على كتابي التوحيد للكليني والصدوق ابن بابويه رحمهما الله تعالى». ]منية المريد، ص 209]

كيف ينبغي للانسان تنظيم حياته في مراحل عمره المختلفة؟

باسمه تعالى: إن أراد الإنسان الوصول إلى درجات الكمال، وأن يؤول أمره نهاية المطاف أينما كان وأيَّ منصب شغل إلى أن يكون له خدمات مفيدة ومؤثرة; عليه أولاً أن يتقرب إلى الله تعالى بتعلم المسائل الشرعية والعمل بها والابتعاد عن المعاصي([1])، وأن يتوكل على الله تعالى في كافة مراحل حياته وأن لا يقنط أبداً، ليكن الله وأهل البيت(عليهم السلام) هما ملجؤه، وربما واجهته الكثير من المشكلات في حياته فعليه أن لا يقنط من النجاح بل عليه السعي لأن يخرج موفقاً من الامتحان الإلهي.

فالدنيا على كل حال دار امتحان، والله تعالى يمتحن عباده (بناء على قضائه وقدره) بابتلاءات تختلف بعضها عن الآخر، وفقني الله وإياكم للانتصار على الشيطان والخروج ناجحين من الامتحانات الالهية، آمين يا رب العالمين.

 

([1]) ممّا يجب تعلّمه التكاليف الواجبة والمحرّمات المنهيّة.

قال الشهيد (رحمه الله) في عدّ العلوم الواجب تعلّمها: «… فتعلّم واجب الصلاة عند التكليف بها و دخول وقتها أو قبله بحيث يتوقّف التعلم عليه ومثلها الزكاة والصوم والحجّ والجهاد والأمر بالمعروف. وأمّا باقي أبواب الفقه من العقود والإيقاعات فيجب تعلم أحكامها حيث يجب على المكلّف بأحد الأسباب المذكورة في كتب الفقه وإلاّ فهي واجبة كفاية. ومنه تعلّم ما يحلّ ويحرم من المأكول والمشروب والملبوس ونحوها ممّا لا غنى عنه و كذلك أحكام عشرة النساء لمن له زوجة وحقوق المماليك لمن له شيء منها» ثم قال: «تعلم ما يحصل به تطهير القلب من الصفات المهلكة كالرياء والحسد والعجب والكبر ونحوها ممّا تحقّق في علم مفرد وهو من أجلّ العلوم قدراً إلاّ أنه قد اندرس بحيث لا يكاد ترى له أثرا. ولو توقّف تعلم بعض هذه الواجبات على الاشتغال به قبل البلوغ لضيق وقته بعده ونحوه وجب على الوليّ تعليم الولد ذلك قبله من باب الحسبة، بل ورد الأمر بتعليم مطلق الأهل ما يحصل به النجاة من النار، قال الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) قال علي(عليه السلام) وجماعة من المفسّرين: معناه: علّموهم ما ينجون به منالنار، وقال(صلى الله عليه وآله): كلّكم راع وكلكم مسؤول عن رعيّته». ]منية المريد، ص 221]

أنا تلميذ في الصف الثاني الإعدادي أرجو منكم نصيحتي حتى أكون من الموفقين إنشاء الله تعالى.

باسمه تعالى: أُشكرِ الله تعالى على هذه النعمة التي من بها عليك فهداك للإسلام والإيمان ونبهك إلى تعلم الأحكام والتخلق بأخلاق الإسلام ووفقك للدرس والتحصيل العلمي، واحرصْ على القيام بواجباتك وفروضك والاجتناب عن الذنوب وتذكر يوم الحساب بالتزام أوامر الله تعالى والتوسل بالنبي وأهل بيته(عليهم السلام) وحافظ على إيمانك، واخدم المجتمع الإسلامي بما تعلمته واختصصت به، وقدم ما تستطيعه في سبيل عزة الإسلام والمسلمين، واجتنب معاشرة المشكوكين والمجهولين فإن الإنسان يعرف بصديقه. زاد الله من توفيقاتك فهو الموفق والمعين.



ما هي كمية الأعمال الصالحة التي أرادها الله منّا؟

باسمه تعالى: على الانسان أن يهتم أولا بتكاليفه الشرعية، ويكسب رضا الله تعالى بتعلم المسائل الشرعية والعمل بها، وبعد أن يطمئن الإنسان إلى قيامه بالواجبات يقدم على أعمال الخير لتكون ذخيرة له في الآخرة، وهي مختلفة من شخص لآخر، ومن باب المثال نقول بالنسبة إلى المتمكنين والمقتدرين: «فإن دعم الحوزات العلمية الذي يمثل دعم مذهب التشيع الحق، وكل عمل يساعد على خدمة الدين فهو من أكبر الذخائر للآخرة، وعلى الجميع أن يسعى كل حسب قدرته وإمكانياته لإعداد الزاد والذخيرة لآخرته»، وفقنا الله لأن نكون من العاملين بواجباتنا.

 

لقد كثر الفساد في المجتمع للأسف، فما هي وظيفة الشاب برأيكم؟

باسمه تعالى: هذه الابتلاءات من الاُمور التي يجب على المسؤولين مراقبتها وبترها من المجتمع، وأما وظيفتكم فهي فعلاً ليست غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، غاية الأمر ينبغي مراعاة مراحل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والله الهادي إلى سواء السبيل.



كيف ينبغي أن يكون البرنامج اليومي للمسلم المحب لأهل البيت(عليهم السلام)؟

باسمه تعالى: على المؤمنين أن ينظموا جميع مراحل عمرهم (المراهقة والشباب والشيخوخة) وفق موازين وأحكام الدين الاسلامي المبين بنحو يتناسب مع كل مرحلة، وعلى الانسان أن يكون هادفاً في عمله الذي اختاره والحرفة التي انتخبها، جاداً فيها مراعياً للمسائل الشرعية ويأتي بالتكاليف الإلهية لاسيما إن كان في عمله خدمة للمؤمنين، وعلى أي حال ينبغي عليه نظم أمره حتى لايندم آخر عمره، ليخصص وقتاً للعبادة والإتيان بالواجبات ووقتاً لتعلم المعارف الإلهية([1]) والأخلاق الحسنة وتهذيب النفس والمسائل الشرعية، كما خصص وقتاً لمكاسبه ورفع احتياجاته الدنيوية، وليفعل ما هو جائز وممدوح والله الموفق.

([1]) يدلّ العقل على فضل العلم على الجهل.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك: «إنّ المعقولات تنقسم إلى موجودة ومعدومة والعقول السليمة تشهد بأنّ الموجود أشرف من المعدوم بل لا شرف للمعدوم أصلاً ثم الموجود ينقسم إلى جماد ونام، والنامي أشرف من الجماد، ثمّ النامي ينقسم إلى حساس وغيره، والحساس أشرف من غيره، ثمّ الحساس ينقسم إلى عاقل وغير عاقل ولا شك أن العاقل أشرف من غيره ثمّ العاقل ينقسم إلى عالم وجاهل ولا شبهة في أنّ العالم أشرف من الجاهل فتبيّن بذلك أنّ العالم أشرف المعقولات والموجودات وهذا أمر يلحق بالواضحات» ثمّ قال: «إنّ الأُمور على أربعة أقسام: قسم يرضاه العقل ولا ترضاه الشهوة وقسم عكسه وقسم يرضيانه وقسم لا يرضيانه فالأول كالأمراض والمكاره في الدنيا والثاني المعاصي أجمع والثالث العلم والرابع الجهل. فمنزل العلم من الجهل بمنزلة الجنة من النّار فكما أنّ العقل والشهوة لا يرضيان بالنار كذا لا يرضيان بالجهل وكما أنّهما يرضيان بالجنّة كذا يرضيان بالعلم فمن رضي بالعلم فقد خاض في جنّة حاضرة ومن رضي بالجهل فقد رضي بنار حاضرة. ثمّ من اختار العلم يقال له بعد الموت: تعودت المقام في الجنّة فادخلها، وللآخر: تعوّدت النار فادخلها». ]منية المريد، ص 32]

كيف يكون عزاء طالب العلم؟

باسمه تعالى: كل عمل ينطبق عليه عنوان الجزع فهو مستحب، وضرب البدن في عزاء أهل البيت (عليهم السلام) إن لم يودي الى الجناية لا إشكال فيه.