الفصل الخامس– نصائحه (قدس سره) جواباً على أسئلة طلبة العلم

أوقات المشاركة في المجالس

أنا شاب في السابعة عشر من عمري لا أدري في أي مجلس اُشارك وأي وقت من الليل والنهار أختار للمشاركة في مجالس العزاء؟

باسمه تعالى: بما أن عمرك مناسب لزمان وجوب تعلم أحكام الدين فيجب عليك المشاركة في المجالس التي تستفيد منها في تعلم الاُمور الدينية والعقائدية والأخلاقية، واختر للمشاركة في المجالس الحسينية الأوقات التي تكون فيها فارغاً واحذر أن يشغلك العزاء عن أداء واجباتك، والله الموفق.

ما هي وظيفة طالب العلم في مراسم عزاء أهل البيت(عليهم السلام)؟

باسمه تعالى: ليس هناك فرق بين الطالب وغيره في مراسم التعزية فيجب على الجميع كل حسب استطاعته الحفاظ على هذه الشعائر الإلهية ما أمكنهم الى ذلك سبيلاً، والمشاركة في العزاء هي الخطوة الاُولى في حفظ الشعائر الإلهية وعلى الجميع السعي لتعظيم أيام العزاء وإحيائها بأحسن وجه، كما يجب على طلاب العلم أن يكون حضورهم ملموساً في مجالس الوعظ والخطابة وبين جموع المؤمنين، وينبغي لهم المشاركة في كل المراسيم التي من شأنها تقوية الشعائر، وعليهم البكاء في مجالس العزاء وأن يكونوا على حالة الحزن فتذكر المصائب التي مرت على أهل البيت(عليهم السلام) هو ضمانة لبقاء التشيع، فعليكم الدفاع عن هذه الشعائر بما أمكنكم لتكسبوا السعادة الاُخروية. والله الموفق.

 

كيف ينبغي أن يكون حضور طالب العلم في مجالس اهل البيت(عليهم السلام)؟

باسمه تعالى: المشاركه في مجالسهم(عليهم السلام) من حفظ الشعائر ولابد ان يعيش الطالب الشعور بأهميّة الحضور في تلك المجالس ويبين ميله وتعلقه بها من خلال البكاء واللطم على الصدر ولو بلغ الاسوداد ما لم يصل الى حد الجناية.



أنا طالب علم أُسئل دائماً عن خصوص التعزية فأرجو منكم بيان كيفية التعزية؟

باسمه تعالى: في مسألة التعزية يجب الاجتناب عن الاُمور التي ينطبق عليها عنوان الحرمة، وعليكم بالمراسم المعمول بها من القديم بحضور العلماء الكبار كلطم الصدوروغيرها، واعلموا أن تلك المراسم هي التي حفظت مذهب التشيع الحق، وعليكم بالحزن في أيام حزن أهل البيت(عليهم السلام)وقوموا بالعزاء ولاتكترثوا بما يقوله المخالفون، أحيوا مظلومية أهل البيت(عليهم السلام) بهذه المراسم العزائية ودافعوا عن مظلوميتهم بكل وجودكم واقتدوا بكلمات العلماء الأعلام الذين كانوا سبباً في تقوية هذه الشعائر المدافعين عنها، واعملوا بتكليفكم من خلال اشتراككم بمجالس العزاء واللطم لتنالوا الأجر والثواب يوم القيامة.



كيف أكون محباً ومريداً لاهل البيت(عليهم السلام)؟

باسمه تعالى: لابد ان تكون محبتك لأهل البيت وتعلقك بهم حقيقة وواقع، ففي البداية لا بد أن تتعلم من سيرتهم وتعمل بحالاتهم فتبدي نأثرك بمصائبهم وتلتزم بالحضور في مجالس ذكرهم وتلتزم أيضاً بحفظ شعائرهم وتقف أمام الشبهات التي تثار حولهم وتلتزم بالتوسل بهم في كل أمورك.

في أي المجالس اُشارك؟

باسمه تعالى: شارك في المجالس التي تسودها روح أهل البيت(عليهم السلام)، والمجالس التي يذكر فيها فضائل ومناقب أهل البيت(عليهم السلام) وأخلاقهم وسيرتهم لتحصل على الفوائد المرجوة منها، فالمشاركة في تلك المجالس إضافة إلى ثوابها وكونها ذخراً للآخرة فإنها عمل بالتكليف، وهو حفظ الشعائر والدفاع عن مظلومية أهل البيت(عليهم السلام)، اضافة إلى أن نفس المشاركة في هذه المجالس لها تأثير كبير على الإنسان فإن أحد آثارها الابتعاد عن المعاصي.



كيف يكون الطالب ولائياً؟

باسمه تعالى: على الطالب الذي يريد كسب الموفقية، بعد كونه ذا نظم وجدّيّة في درسه وتهذيب نفسه، أن يكون محبّاً واقعيّاً لأهل البيت(عليهم السلام)، ولا يكتفي بالحب الظاهري، بل يجب أن تكون أعماله وتصرّفاته معبّرة عن حبّه القلبيّ.

وإظهار هذا الحب والمودّة لأهل البيت(عليهم السلام) يمكن أن يبرز على أشكال مختلفة أفضلها هو حفظ الشعائر والخطابة التي تبين مظلومية أهل البيت(عليهم السلام) للناس، حيث قال الله تعالى: (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ).

والطالب الذي يريد أن يكون موفّقاً يجب عليه أن يسعى للحصول على وسيلة لذلك، وأفضل الوسائل هم أهل البيت(عليهم السلام).

إن السبب وراء توفيقات العلماء العظام هو إخلاصهم في العمل وإرادتهم القوية التي امتلكوها ومحبتهم الواقعية وتوسلهم بأهل البيت(عليهم السلام). وإذا بحثنا ودققنا في حياة العلماء العظام لوجدنا أنهم كانوا من المحبّين الواقعيين والمتوسلين بأهل البيت(عليهم السلام) على الدوام إضافة إلى جديتهم في الدراسة وتهذيب النفس.



هل يلزم لبس السواد في أيّام وفيات الائمة(عليهم السلام)؟

باسمه تعالى: إن لبس السواد وإبراز الإحساسات كالبكاء واللطم على الصدور و… في أيام وفيات الائمة(عليهم السلام) هو إعلام الحزن ويدخل في الجزع وفيه أجر وثواب. إذ لابدّ من إظهار حقيقة مظلومية أهل البيت(عليهم السلام) للناس لا سيما واقعة كربلاء التي تجب علينا إحياءها، وعليه فإننا مكلّفون بذلك وبالخصوص الطلبة الأعزّاء الذين هم الحفّاظ لعلوم آل محمد(صلى الله عليه وآله).

ما هي نصيحتكم لأصحاب المنبر الحسيني(عليه السلام)؟

باسمه تعالى: أن يكون حسينياً واقعياً وأن يشارك في جميع احزان اهل البيت(عليهم السلام)ويساعد على إحيائها بكل ما يستطيع ويسعى في طريق نشر علوم آل محمد(صلى الله عليه وآله).

إلى أيّ حد يبحث طالب العلم حول الشبهات في الموضوعات الحسينيه؟

باسمه تعالى: إن جميع الأعمال التي تقام في عزاء سيد الشهداء تدخل في الجزع ما لم يؤدي الضرر إلى حد الجناية، وتعتبر الشعائر الحسينية إحدى الذخائر ليوم الآخرة.



أنا شاب أطلب منكم النصيحة في تشخيص تكليفي الفعلي؟

باسمه تعالى: إن واجبك هو العمل بالواجبات وترك المحرمات فهي من أهم الاُمور([1]) واتق الله واخلص له بابتعادك عن الكلام المنبوذ والاتجاهات المشبوهة ووساوس الآخرين، واظب على العمل بما هو مذكور في الرسالة العملية بدقة واطلب المدد من الله تعالى في أعمالك وتوسل بالنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار(عليهم السلام).

 

([1]) ليحذر العالم من اشتغاله بالعلم عن العمل بالواجبات وترك المحرّمات.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذلك: «إنّ مثاله مثال المريض إذا تعلّم نسخة الدواء واشتغل بتكراره وتعليمه لا بل مثاله مثال من به علّة البواسير والبرسام وهو مشرف على الهلاك محتاج إلى تعلّم الدواء واستعماله فاشتغل بتعلّم دواء الاستحاضة وتكرار ذلك ليلاً ونهاراً مع علمه بأنّه رجل لا يحيض ولا يستحيض ولكنّه يقول: ربّما يقع علّة الاستحاضة لامرأة وتسألني عنه، و ذلك غاية الغرور حيث ترك تعلّم الدواء النافع لعلته مع استعماله ويشتغل بما ذكرناه. كذلك المتفقّه المسكين قد تسلّط عليه اتّباع الشهوات والإخلاد إلى الأرض والحسد والرياء والغضب والبغضاء والعجب بالأعمال التي يظنّها من الصالحات ولو فتش عن باطنها وجدها من المعاصي الواضحات فليلتفت إلى قوله(صلى الله عليه وآله): أدنى الرياء الشرك، وإلى قوله(صلى الله عليه وآله): لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال ذرّة من كبر، وإلى قوله(صلى الله عليه وآله): الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وإلى قوله(صلى الله عليه وآله): حبّ المال والشرف ينبتان النفاق كما ينبت الماء البقل. إلى غير ذلك من الأخبار المدوّنة في أبواب هذه المهلكات». ]منية المريد، ص 55[

أنا شاب اُريد أن انظم برنامجي بشكل دقيق لأتوفق بمستقبل منير ومعنويات جيدة أرجو نصحي في هذا المجال.

باسمه تعالى: بني! أشكر الله على أن وفقك للسعي وراء سعادتك الدنيوية والاُخروية وأنت في سن الشباب، ابتداءً حاول أن تتعلم المسائل الشرعية التي تخصك بشكل جيد، وعليك أن تخطو خطوات في سبيل تهذيب نفسك بالتقارن مع دراستك، واسع أن يكون اختيارك لعملك المستقبلي بما يكون فيه خدمة للمؤمنين، وليكن توسلك بأهل البيت(عليهم السلام)في جميع لحظات حياتك، ولا تصاحب إلا من يرشدك إلى المعنويات والروحيات من الذين يلتزمون باداء تكاليفهم الشرعية.

بني، اعرف قدر نعمة الشباب فهي نعمة سريعة العبور حاول أن تستفيد منها كامل الاستفادة ولتكن دقتك في تكاليفك الشرعية على رأس جميع أمورك، وفقك الله.



أنا شاب أحتاج إلى نصائحكم.

باسمه تعالى: اُوصيك بأن تقدر قيمة شبابك فإنها سريعة العبور وأحرص على أن لاتصرف أيام شبابك باُمور لا أهمية لها، واُوصيك برعاية التقوى والمحافظة على الصلوات أوائل وقتها، آمل لكم المراتب الكمالية العالية بجدكم وجهدكم في كسب العلم ومراعاتكم للمسائل الشرعية([1])، والله الموفق.

 

([1]) لابدّ للمعلّم والمتعلّم من العمل بعلمه تدريجاً.

قال الشهيد (رحمه الله) في ذكر آداب المعلّم والمتعلّم: «استعمال ما يعلمه شيئاً فشيئاً فإنّ العاقل همّه الرعاية والجاهل همّه الرواية وقد روي عن علي(عليه السلام) أنّه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج وعالم تارك لعلمه فهذا هالك وإنّ أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه وإنّ أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبداً إلى الله تبارك وتعالى فاستجاب له وقبل منه فأطاع الله فأدخله الجنّة وأدخل الداعي النار بتركه علمه واتّباعه الهوى وطول الأمل أمّا اتّباع الهوى فيصد عن الحقّ وطول الأمل ينسي الآخرة، وعن أبي عبدالله (عليه السلام)قال: إنّ العالم إذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا، وجاء رجل إلى علي بن الحسين(عليه السلام)فسأله عن مسائل فأجاب ثم عاد ليسأل مثلها فقال علي بن الحسين(عليها السلام): مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ولمّا تعملوا بما علمتم فإنّ العلم إذا لم يعمل به لم يزد صاحبه إلاّ كفراً ولم يزدد من الله إلاّ بعداً». ]منية المريد، ص 48]

أنا معلم في المرحلة الابتدائية أطلب منكم النصح.

باسمه تعالى: إنّ أطفال الناس أمانة بيدك فاحرص على حفظ تلك الأمانة، إن قلوب تلك البراعم الصغيرة لديها استعداد لتقبل كل ما يلقى إليها فاحرص على تعليمهم حقائق الدين الفطرية باُسلوب يناسب سنهم([1])، وليكن ذلك بمحبة وعطف كي يترسخ الكلام الحق في قلوبهم أكثر([2])، زاد الله في توفيقاتكم والله الموفق.

([1]) من آداب المعلّم تفهيم الدرس بأيسر الطرق بحسب حال الطالب.

قال الشهيد (رحمه الله)في آداب المعلّم في درسه: «أن يتحرّى تفهيم الدرس بأيسر الطرق وأعذب ما يمكنه من الألفاظ مترسّلاً مبيّناً موضحاً مقدماً ما ينبغي تقديمه مؤخّراً ما ينبغي تأخيره مرتّباً من المقدمات ما يتوقّف عليها تحقيق المحلّ واقفاً في موضع الوقف موصلاً في موضع الوصل مكرّراً ما يشكل من معانيه وألفاظه مع حاجة الحاضرين أو بعضهم إليه وإذا فرغ من تقرير المسألة سكت قليلاً حتى يتكلم من في نفسه كلام عليه. ولا يذكر في الدرس شبهة في الدين ويؤخّر الجواب عنها إلى درس آخر بل يذكرهما جميعاً أو يؤخرهما جميعاً سيّما إذا كان الدرس يجمع الخاص والعام ومن يحتمل أن لا يعود إلى ذلك المقام فتقع الشبهة في نفسه ولا يتّفق له جوابها فيصير سبباً في فتنته». ]منية المريد، ص 95[

([2]) من آداب المعلّم حسن الخلق بالنسبة إلى المتعلّمين والمحبّة لهم.

قال الشهيد (رحمه الله)في ذلك في آداب المعلّم: «أن يحسن خلقه مع جلسائه زيادة على غيرهم ويوقّر فاضلهم بعلم أو سنّ أو صلاح أو شرف ونحو ذلك ويرفع مجالسهم على حسب تقديمهم في الإمامة ويتلطّف بالباقين ويكرمهم بحسن السلام وطلاقة الوجه والبشاشة والابتسام وبالقيام لهم على سبيل الاحترام ولا كراهة فيه بوجه وإن كان في بعض الأخبار ما يوهمه وتحقيقه في غير هذا المحل». ]منية المريد، ص 93[

وقال في موضوع آخر: «أن يحبّ لهم ما يحبّ لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه من الشرّ فإنّ ذلك من تمام الإيمان ومقتضى المواساة ففي صحيح الأخبار: (لا يؤمن أحدكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه) ولا شكّ أنّ المتعلّم أفضل الإخوان بل الأولاد كما سيأتي فإنّ العلم قرب روحانيّ وهو أجلّ من الجسماني وعن ابن عباس: أكرم الناس عليّ جليسي الذي يتخطّى الناس حتّى يجلس إليّ لو استطعت أن لا يقع الذباب عليه لفعلت وفي رواية: إنّ الذباب ليقع عليه فيؤذيني وعن محمد بن مسلم قال: دخل رجل من أهل الجبل على أبي جعفر(عليه السلام) فقال له عند الوداع: أوصني. فقال: (عليك بتقوى الله و برّ أخيك المؤمن وأحبّ له كما تحب لنفسك واكره له ما تكره لنفسك وإن سألك فأعطه وإن كُفّ عنك فاعرض عليه ولا تملّه خيراً وإنّه لا يمل لك، كن له عضداً وإنّه لك عضد وإن وجد عليك فلا تفارقه حتى تسلّ سخيمته وإن غاب فاحفظه في غيبته وإن شهد فاكفه واعضده وآزره وأكرمه والطفه فإنه منك وأنت منه) وكلّ خير ورد في حقوق الإخوان آت هنا مع زيادة». ]منية المريد، ص 81]

أنا شاب أطلب منكم النصيحة.

باسمه تعالى: حاول أن تحيي ذكر الله تعالى ويوم القيامة في قلبك وتجنب الأعمال التي تسود القلب ومعاشرةَ الأشخاص الذين تشكل معاشرتهم مانعاً عن اكتساب التوفيق، وابتعد عن مجالس المعصية ولا تضيع عمرك الثمين فإنه أغلى ما تملكه، والله الموفق.